عندما تسمع مصطلح “ثقافة الفريق”، ما الذي يتبادر إلى ذهنك؟ شباب يلتفون حول تنس الطاولة أو يشربون نوعًا معينًا من القهوة بينما يناقشون خطط العمل؟ أو ربما لقاء الخميس الأسبوعي في نادي الغولف؟
رغم أن تلك الامتيازات رائعة، وتعد جزءًا مهمًا من اهتمامات الموظفين، إلا أنها لا تدل على ثقافة فريقك القوية والصحية لتحقيق أهداف شركتك.
طالما أن المظاهر لا علاقة لها بثقافة الفريق، فما المقصود بها إذًا؟
ثقافة الفريق.. قيم وسلوكيات
ثقافة الفريق متعلقة بشكل أساسي بالسلوكيات والمواقف التي يمتلكها الناس حول مكان العمل، وحول بعضهم البعض كزملاء، وحول كيفية تعاملهم مع العملاء، وكيفية اتخاذهم للقرارات. فهي مزيج من المعتقدات والقيم والأهداف المشتركة والمواقف والاستراتيجيات السلوكية بين الموظفين الذين يعملون في الشركة.
ومثل ثقافة المجتمع، يتم دعم ثقافة الفريق من قبل الأفراد وتحديد بيئة العمل وتشكيلها.
ورغم أهمية بناء الفريق نفسه، فإن بناء ثقافة الفريق يستغرق وقتًا وجهدًا، لكنه أمر بالغ الأهمية لنجاح عملك.
لماذا ثقافة الفريق مهمة؟
قبل أن نتعمق بالمزايا المهنية لثقافة الفريق، تخيل أنك تتحدث عن أسرتك التي تعيش في مكان واحد، وتحتاج أن تدعم بعضها وتتخذ قرارات مهمة تصب في مصلحة الجميع. ألا يجب أن تتحلّى هذه الأسرة بثقافة مشتركة لتكافح؟
والآن لننظر إلى أسرتك الثانية:
- الحفاظ على مواهب فريقك: كلما كانت ثقافة فريقك مشتركة، زاد معدل احتفاظك بالمواهب والكفاءات، التي ستعمل بشكل منسجم ومتناغم.
- الإنتاجية المرتفعة: عندما يكون الموظفون متحمسين لثقافتهم المشتركة، سيكونون أكثر تفاعلاً ومبادرة وإبداعًا.
- الحد من النزاعات الشخصية: هناك فرق كبير بين الخلافات الدورية في العمل وبين النزاعات والاحتكاك الشخصي. ثقافة الفريق تحد من الشعور بالإهانة أو الكراهية أو المنافسة السلبية.
- الولاء للشركة: كل الشركات تمر بمراحل صعود وهبوط، وتمر بظروف تحتاج خلالها إلى دعم فريقها. لا يتخلى أفراد الفريق المنسجم عن شركاتهم في أوقات الأزمات، لأنهم شعروا مسبقًا بالتقدير والحب.
وإذا اطّلعت على الشركات التي لديها ثقافة فريق مشتركة عالية، ستجد أنهم يتقاسمون السلطات والمسؤوليات، ويمرحون سوية في أيام العطلات، ويخلقون بيئة منفتحة للتعلم والتطوير، ويراجعون الأخطاء ويقوّمونها، ويحتضنون الأعضاء الجدد.
كيف تبني ثقافة الفريق في شركتك؟
لمعت عيناك من الحماس والرغبة بالحصول على فريق متماسك؟! إليك 4 استراتيجيات رئيسية لمساعدتك في الوصول إلى ثقافة فريق قوية:
أولًا: العيش في إطار القيم الأساسية المشتركة
القيم الأساسية أهم مكونات الثقافة المشتركة لأية أسرة، بما فيها أسرة عملك.
بالطبع، لن تفرض هذه القيم بشكل ديكتاتوري عليهم، بل ستحدّثهم عنها وتتناقش معهم حولها، وتخبرهم لماذا تشعر أنها مهمة.
مع مرور الوقت، سيصبح من السهل عليك تعديل بعض القيم أو بناء قيم جديدة كليًا، وستحصل تلقائيًا على الدعم من موظفيك.
لم تفكر بالقيم الأساسية من قبل؟ حسنًا إليك اقتراحنا.
- فكر بالقيم الأساسية التي تعتقد أنها مهمة جدًا لعملك (مثل الابتكار، والولاء، والأمانة المهنية، والنقاش المتسامح، والمساواة في المعاملة… إلخ).
- اقضِ وقتًا منفردًا مع أهم موظفيك وتحدث معهم عن قيمك المقترحة، واستمع إلى آرائهم.
- ارسم خطة ثقافية (لمدة 100 يوم على سبيل المثال) لترسيخ هذه القيم في الفريق.
- أخبر الموظفين أنهم سيحصلون على مكافآت كلما زاد التزامهم بتحقيق هذه القيم في العمل.
عندما تتعمق القيم الأساسية في فريقك، سيشعرون بالأمان أكثر في التعبير عن آرائهم، ويتقبلون وجهات النظر المختلفة، ويطمحون لتطوير أنفسهم.
ثانيًا: دعم الثقة المتبادلة
الثقة هي جوهر الثقافة المشتركة ليشعر الأفراد بالأمان ويكونوا على طبيعتهم، بغض النظر عن ألقابهم أو تاريخ انضمامهم. فعندما يشعر الفرد بالثقة، يشارك أفكاره، ويقوم بمخاطرات محسوبة، ويتحدث بأمان عن نقاط إخفاقه.
من الطرق السريعة لدعم الثقة المتبادلة في ثقافة فريقك:
- نظّم جلسات مفتوحة دورية قائمة على الأسئلة والأجوبة مع قيادة الشركة وموظفيها. احرص على إعطاء ردود حقيقية وواضحة على تساؤلات الموظفين.
- كن منفتحًا على النقد البناء وقبول الملاحظات من كافة أعضاء الفريق، وأخبرهم بذلك.
- شارك فريقك الخطط الاستراتيجية والمشاريع المهمة، حتى يعرفوا ما يحدث أو سبب اتخاذ قرار معين.
ثالثًا: تقاسم السلطات والمسؤوليات
ليس من الصحي بتاتًا شعور بعض الموظفين أنهم “ذوو قيمة كبيرة” بينما يشعر آخرون بأنهم “بلا قيمة”. ضع في اعتبارك أنه كلما شعر الفرد بأهمية ما يقوم به يوميًا، زاد عطاؤه وإبداعه.
يمكنك تعزيز شعور الجميع بقيمته، من خلال توزيع السلطات والمسؤوليات، والمشاركة في اتخاذ القرارات.
لا تتدخل في أدق التفاصيل طالما أن الموظف يعرف ما يقوم به، ويعرف كيف يقوم به. واحرص على أن يكون لكل فرد وظيفة حقيقية مهما كانت بسيطة كي يشعر بالمسؤولية. وتذكر أن ثقتك بفريقك تظهر عندما تختلف معهم في قرار أو إجراء معين، لكنك مؤمن بقدراتهم المهنية.
رابعًا: القيادة بوضوح
أظهرت العديد من الدراسات أن ربع الموظفين فقط يفهمون بوضوح، كيف يرتبط عملهم الفردي بتحقيق أهداف الشركة العامة. الفرق التي تشعر بالارتباك، تكرر جهودها وتكافح بشدة، لكنها تكون مشتتة الانتباه وغير واعية لترتيب الأولويات.
يجب أن تكون واضحًا بشأن مَن الذي يتخذ القرارات، ولماذا؟ وكيف يتم تنفيذ قرار معين، وضرورة الالتزام بالمواعيد النهائية والحفاظ على جودة العمل.
لزيادة الوضوح لدى أفراد فريقك، يجب أن تكون لديك طريقة واضحة وملموسة لربط العمل بأهدافه، وتتبع تحقيق أهداف الشركة مع تحفيز الموظفين.
كلمة أخيرة،
أي جهد تضعه لتطوير ثقافة الفريق سيعود على عملك بمزيد من الإنتاجية والربح، ويعود على موظفيك بمزيد من الثقة والإبداع. يجب أن تكون أنت أولًا مقتنعًا بأهمية ثقافة الفريق، ومؤمنًا بفريقك كأنه عائلتك، كي تنجح في المهمة.